الأربعاء
05.08.2024
6:26 PM
sada
فئة القسم
أحداث العالم [458]
مواضيع وأحداث العالم
أحداث عربية [472]
مواضيع متعلقة بالوطن العربي
طريقة الدخول
التقويم
«  يوليو 2013  »
إثثأرخجسأح
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
293031
بحث
تصويتنا
قيم موقعي
مجموع الردود: 206
فيديو
دعاية وإعلان
صور
دردشة-مصغرة
إحصائية

المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0
مفضلات إجتماعية
طباعة المحتوى
وصلات
game
إعلان
fun
Motor Bike 2
ميميز
أرشيف السجلات

صدى العالم

الرئيسية » 2013 » يوليو » 24 » النهضة العمانية: تحديات تذللها تطلعات حاكم وشعب
11:13 AM
النهضة العمانية: تحديات تذللها تطلعات حاكم وشعب

تحتفلُ سلطنة عُمان ، 23 يوليو، بمسيرة 43 عاما من البناء والتحديث التي يسير على دربها العمانيون منذ توليّ السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في هذا البلد الخليجي الهادئ لكن الفاعل والمؤثّر والغمني بتاريخه وثوراته.
 
النهضة العمانية انطلقت في الثالث والعشرين من شهر يوليو -تموز عام 1970، وعلى امتداد أربعة عقود شهدت السلطنة طفرة سريعة، في كافة المجالات، أخرجتها من حالة العزلة والتخلّف وارتقت بها إلى مصاف الدول العصرية والحديثة؛ وذلك بفضل حقيقة آمنت بها الحكومة العمانية ووضعتها وفق رؤيتها الاستراتيجية المستقبلية للتطوير والتحديث وهي توفير مناخ من الأمن والسلام والاستقرار ودعم العلاقات الخارجية.
 
النهضة العمانية أوجدت في نفوس العُمانيين بهجةَ الحاضر ورسمت على وجوههم إشراقة المُستقبل الواعد آخذة في الحُسبان الاهتمام في المقام الأول بالإنسان العُماني والارتقاء به، وإشراكه فعليا في مؤسسات الدولة العصرية والقطاع الخاص في تحمل مسؤولية البناء والتنمية، وصُنعِ القرار ليساهم الجميع في إعلاء أركان التنمية الشاملة للسلطنة وذلك ضمن توازنٍ دقيق بين المُحافظة على الجيد من الموروث، الذي يعتز به العمانيون، ومقتضيات الحاضر التي تتطلب التلاؤم مع روح العصر والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مُستجداته في شتى ميادين الحياة ومجالات التنمية.
 
السلام الاجتماعي
 
منذ اليوم الأول لتولي قابوس بن سعيد مقاليد الحكم كان حريصا على القضاء على عوامل الضعف وبناء الدولة العصرية بأركانها الأساسية "أرض واحدة وشعب واحد وحكومة مركزية”.
 
والبداية كانت تثبيت اسم البلاد "سلطنة عمان” بعد أن كانت سلطنة مسقط وعمان. اعتمد السلطان مسارات واضحة مترابطة لتحقيق اللحمة الوطنية وإنجاز السلام الاجتماعي، فقد أنهى مخاطر الانقسام وحول عمان إلى وطن لكل العمانيين داعما عوامل الترابط المجتمعي كما قام بتطوير وتوسيع الجهاز الإداري للدولة ليستوعب أهداف النهوض بعملية تنمية شاملة من ناحية وتحويله إلى أداة من أدوات الدمج والتماسك على المستوى المحلي والوطني وذلك باستيعاب الكل.
 
كما نجحت القيادة العمانية في تكريس سلطة الدولة والقانون، حيث قامت بتوظيف السياسة الخارجية لخدمة أهداف عمان الداخلية في التنمية والاستقرار ؛ فجرت تسوية كافة المشاكل الحدودية مع دول الجوار بما في ذلك الحدود البحرية. وتبنت السلطنة ثوابت هامة في سياستها الخارجية قوامها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير ومد يد الصداقة والتعاون للجميع دون استثناء.
 
وقامت القيادة العمانية بتدعيم الوحدة الوطنية وتعزيز التقدم والنمو الاجتماعي عن طريق إتاحة الفرصة لمزيد من المشاركة من جانب المواطنين في إدارة شؤون البلاد، والتأكيد على دورهم إلى جانب الحكومة مع توجيه تلك المشاركة وتنميتها تدريجيا وفقا لمرحلة التطور التي يمر بها المجتمع وهو ما عبر عن نفسه في علاقة وثيقة بين القيادة والشعب في جوانب كثيرة.
 
وقد نجحت تلك المنظومة المترابطة من المسارات في تحقيق الوحدة الوطنية وحفظ النسيج الاجتماعي حيويا متماسكا، وهو ما يصعب في غيبته الحديث عن أي نوع من التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الموارد البشرية أو حتى التأسيس لمجتمع مدني في دولة عصرية، وهو ما يعتبر في حد ذاته علامة فارقة في التاريخ العماني بكل مراحله على امتدادها الزمني الطويل.
 
بناء الإنسان العماني
 
علامة فارقة أخرى في التاريخ العماني لا تقل أهمية عن سابقتها برزت في السادس من نوفمبر-تشرين الأول 1996، وذلك حين أصدر السلطان النظام الأساسي للدولة (الدستور) تتويجا لحقبة ماضية تمكنت خلالها السلطنة من بناء دولة عصرية متكاملة في أجهزتها ومؤسساتها، ملتزمة في مبادئها وسياستها، واضحة في مواقفها وتوجهاتها.
 
فقد جاء النظام الأساسي للدولة ليشكل القاعدة الأساسية التي تنطلق من خلالها سلطنة عمان لتحقيق المزيد من التقدم والرقي والتطور، فهو يرسم صورة واضحة للمبادئ التي تلتزم بها السلطنة في سياستها الداخلية والخارجية الهادفة في جملتها إلى بناء الإنسان العماني وتطوير قدراته الذاتية وخبراته العلمية والعملية باعتباره قطب الرحى الذي تدور حوله كل الأهداف، وتحقق من أجله كل المنجزات، وتعد في سبيل تنشئته وإعداده مختلف الخطط والبرامج والمناهج.
 
ويقول السلطان في هذا السياق "إن المبادئ الموجهة لسياسة الدولة في شتى الميادين ليست إلا وسائل متعددة ترمي إلى تحقيق غاية واحدة هي سعادة الإنسان ورخاؤه ورقيه وتقدمه وأمنه وسلامته في ظل دولة قوية ناهضة تحظى بالاحترام والمكانة المرموقة على امتداد الساحة الدولية”.
 
جاءت النهضة العمانية قبل 43 سنة لتحمل رياح تغيير وفلسفة جديدة نقلت خلالها عمان الشعب وعمان الوطن إلى آفاق حياة جديدة قوامها العيش الكريم والتمتع بمباهج الحياة العصرية وتعويض الحرمان الذي شهدته كافة قطاعات الشعب، كما جاء هذا التغيير ليحمل فلسفة جديدة في الحكم من خلال سياسة الشورى والحوار وإحياء الموروث التاريخي العماني الأصيل والمحافظة على الهوية واستنهاض الهمم.
 
تذليل الصعوبات
 
لم يكن من السهل تحقيق التنمية السريعة التي شهدتها البلاد، والتي نادرا ما شهدتها دولة نامية في العصر الحديث،  وكانت الجغرافيا من العوامل التي مثلت تحديا حقيقيا علاوة على الإمكانات والموارد المحدودة خاصة في السنوات الأولى. فالسلطنة ذات خصوصية جغرافية صعبة خاصة في مجال شق الطرق في الجبال، ورغم ذلك كانت إرادة الإنسان العماني أقوى من الصخور وكان إيمانه بقيادته السياسية هو سلاحه الهام في التغلب على كل المشكلات وعوامل الطبيعة القاسية.
 
من أسرار تحقيق هذه التنمية الشاملة التي تعيشها عمان الجديدة التفاف الشعب العماني حول قيادته وإيمانه بها والعمل بتفان وجدية لتحقيق تلك المكاسب الحيوية التي تحققت خلال 43 عاما. فالإنسان يصنع التنمية وأهميته أكبر من الثروة المادية، فبقدر ما تتمكن التنمية بمختلف أساليبها ووسائلها من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع بقدر ما تكون تنمية ناجحة.
 
بين السلطان وشعبه
 
تمثل المناطق الواسعة والمفتوحة من الأرض العمانية على بساط رمالها وعلى حصباء فيافيها مسارح لقاءات مفتوحة حيث يلتقي فيها السلطان مع الشيوخ والوجهاء والأعيان وجموع المواطنين الغفيرة الذين يتجمعون للمشاركة في هذه المناسبة السنوية. وفي هذا الإطار فإن حديث السلطان إلى المواطنين في جولاته إلى الولايات والمناطق العمانية لا يقتصر على إيضاح الحقائق ولكنه يتجاوز ذلك إلى بناء وترسيخ أسلوب ومنهج للتفكير وتنمية وعي المواطن فيما يتصل بكيفية التعامل الصحيح والإيجابي مع مختلف القضايا، وهو في ذلك يعطي أيضا المثل والقدوة لكل المسؤولين على جميع المستويات، مما يعزز في الواقع جهود التنمية الوطنية في مجالاتها المختلفة، خاصة وأن كلماته تجد طريقها مباشرة إلى قلوب وعقول المواطنين الذين يحرصون على التجاوب وبذل كل الجهود لترجمة توجيهاته إلى واقع عملي ملموس.
 
هذا التراكم المتواصل من التفاهم والثقة بين السلطان وشعبه أعطى العمل الوطني فرصة الانطلاق، وهكذا بدأت المسيرة في كل الاتجاهات حيث بدأ الاهتمام بشكل خاص بالتعليم ما يؤكده قول السلطان المعروف: "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظلال الشجر”.
 
بالرغم من أن فترة ما يزيد على أربعة عقود من عمر مسيرة النهضة هي مدة قصيرة في عمر الشعوب وبمعايير التطور الاقتصادي والاجتماعي المعروفة، إلا أن ما تم إنجازه على صعيد بناء الدولة العصرية، دولة المؤسسات وحكم القانون هو في الواقع إنجاز كبير وملموس.
 
خلال الـ 43 سنة الماضية تحسنت ظروف السكن والعلم والعمل في جميع مناطق السلطنة، وقدمت الدولة مساعدات عينية وقطع الأرض للبناء والقروض لشراء المنازل، وشجعت القطاع الخاص واتسعت دائرة الطبقة الوسطى وحدت من التفاوت الكبير بين الأرياف والمدن، وقدمت مساعدات كبيرة للمناطق النائية.
 
لكن مسار التنمية المستدامة طويل ومعقد. فحاجات الناس إلى السكن والعلم والعمل والعناية الصحية والاهتمام بسلامة البيئة وزيادة الانتاج وتسويقه وغيرها مستمرة. ومن الطبيعي أن سلبيات تنشأ عن عملية التحديث نفسها.
 
 
 
السلطان قابوس بن سعيد
 
* ثامن سلاطين أسرة البوسعيد، وينحدر من سلالة الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول للدولة البوسعيدية (الإمام أحمد بن سعيد) العام 1744م، وتعد هذه الأسرة من أقدم الأسر العربية الحاكمة بصورة متواصلة في عالمنا العربي.
 
* تسلم السلطان قابوس مقاليد الحكم في سلطنة عمان في 23 يوليو- تموز العام 1970.
 
* بعد توليه السلطنة، سعى إلى تسويق اسم عمان إلى الخارج والخروج بالسلطنة من عزلتها.
 
* اهتم بدفع عمان إلى حالة متقدمة من المعاصرة مع الإبقاء على الأصالة العمانية التقليدية بحيث لا تفقد عمان هويتها، وفي إطار ذلك يكون اهتمامه بالثقافة هو الشيء الأبرز، والذي ترك آثاره الواضحة في عمان؛ فبفضل قراره أصبح لدى السلطنة أوركسترا سلطانية من عازفين وعازفات على مستوى عال من التدريب. كما رعت مؤسسات الدولة مشروعا ضخما لتوثيق تاريخ عُمان منذ فجر التاريخ، ومشاريع ثقافية أخرى كثيرة.
 
* له اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محلياً وعربيا ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
 
* من أبرز هذه المشروعات: موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جـامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طريق الحرير والنمر العربي والمها العربي وغيرها.
 
سلطنة عمان تقطف ثمار نهضتها
 
وقد ترافقها أزمات حادة في أوساط مختلفة إلا أن الدولة التي تراعي مصالح مواطنيها تعمل على حل المشكلات الناجمة عن التحديث من خلال الحوار الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان الأساسية والتعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص ومراقبة كل أشكال الأداء في مؤسسات الدولة وإداراتها.
 
اعتمدت السلطنة استراتيجية طويلة الأمد للانتقال من المجتمع التقليدي إلى الدولة العصرية. وأفردت مكانة خاصة لتطوير الثقافة الشعبية والتراث العماني واهتمت بالحفاظ على البيئة وتوجيه الأجيال الشابة نحو اقتصاديات المعرفة، وجعلت التعليم العصري ركيزة للتنمية البشرية والاقتصادية المستدامة، وعززت دور الجامعات ومراكز البحث العلمي، وعملت على تنويع مصادر الدخل والاستفادة العقلانية من موارد النفط والغاز وغيرها، فقطعت عمان شوطا بعيدا على طريق الحداثة السليمة وبناء الدولة العصرية، ويعود نجاحها إلى تفاني شعبها في خدمة وطنه من جهة وقيادته المستنيرة من جهة أخرى. كل هذا يتناغم مع رؤية قابوس المتوازنة وحرصه الدائم على تنشيط الطاقات وشحذ الهمم بين رجال ونساء شعبه للمشاركة الفعالة في بناء الدولة الحديثة.
 
المـــرأة العمانيـــة رافد من ر وافد التقدم
 
يعتبر ما تحقق للمرأة العُمانية مصدر فخر لكل العُمانيين، فقد نالت اهتمام السلطان قابوس بجعل السابع عشر من أكتوبر من كل عام يوماً للمرأة العُمانية ، وأثبتت المرأة العمانية وجودها وكفاءتها في كل مجالات التنمية لتساهم بدورها في دفع حركة التنمية وخدمة وطنها وإعلاء شأنه ، وتعمل جمعيات المرأة العُمانية البالغ عددها (56) جمعية على تفعيل مشاركة المرأة في العمل الاجتماعي التطوعي وتنشيط دورها لتأخذ موقعها ضمن برامج التنمية في البلاد. وشاركت المرأة العمانية في الانتخابات البرلمانية بالسلطنة وتصدرت في بعض الولايات قائمة المتنافسين واستطاعت أربع نساء الفوز بعضوية المجالس البلدية ، ثلاث منهن تصدرن قائمة ولاياتهن في كل من ولاية العامرات وبوشر وقريات ، أما في ولاية الخابورة فكان ترتيبها الثالث.
 
السياسة الخارجية
 
اتسمت السياسة الخارجية العُمانية التي بالهدوء والصراحة والوضوح في التعامل مع الآخرين ما مكنها من طرح مواقفها والتعبير عنها بثقة تامة مع الحرص على بذل كل ما هو مُمكن لدعم أي تحركات خيّرة في اتجاه تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة، والحد من التوتر خليجيا وعربيا ودوليا، ومما يزيد من قدرة السلطنة في هذا المجال على أنها تتعامل مع مختلف الأطراف في إطار القانون والشرعية الدولية وإدراكها العميق للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لهذه المنطقة على كل المستويات والتحديات المحيطة بها والتي تؤثر عليها. قد حرص السلطان على أن تكون علاقات عمان على الصعيدين الإقليمي والدولي قائمة على مبدأ السلم والاستقرار والتعاون، دون التدخل في شأن الآخر أو السماح للآخر بالتدخل في الشأن المحلي.
 
وبهذا المنوال تحقق الكثير من المكتسبات لعمان بحيث باتت «علامة مميزة» في الفكر الدبلوماسي وأبلغ دليل على ذلك الاستحسان الذي يلقاه المنهج العماني من قبل المراقبين والمحللين في هذا الجانب.
 
مسيرة النهضة العمانية الحديثة، التي استطاعت حشد كل طاقات أبناء الوطن الأوفياء، أكدت ومنذ اللحظة الأولى على المواطنة العمانية وعلى أهمية وضرورة الاعتزاز والفخر بها والمساواة في إطارها. الآن وبعد 43 عاما تقف الدولة العمانية العصرية التي شيدها السلطان قابوس راسخة وقوية وشامخة، تحقق الخير والتقدم والازدهار لأبنائها، وتمد يدها بالسلام والصداقة لمختلف الدول والشعوب على امتداد المنطقة والعالم طالما تبادلها نفس المواقف وأساليب التعاون لتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز فرص الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية وعلى امتداد العالم من حولها.  عمان اليوم دولة تربطها شبكة واسعة من العلاقات الدبلوماسية مع أغلب العالم وهي عضو دولي فاعل، كما أن مبادراتها وبشكل عام تجد الصدى والقبول بغض النظر عن التصريح المعلن بهذه المبادرات، فسياسة عمان كان طابعها الهدوء وتحقيق الرضا دون بحث عن الضجيج.
 
 
 
العمانيون شركاء في التنمية حريصون على مكتسباتها
 
حسين شحادة
 
إن نظرة إلى مشارف السبعينات من القرن الماضي تؤكد أن ما تحقق لعمان لم يكن مجرد بنايات قابلة للتصدع  لكنه مشروع حضاري واسع النطاق، ركيزته المحورية إعادة صياغة الإنسان ليصبح بالفعل – وليس بالشعارات – هدفا للتنمية وشريكا في صناعتها وأمينا على مكتسباتها. ومن هنا –بالتحديد – جاءت أهمية العودة إلى منابع التراث، إلى الجذور المتأصلة في التربة العمانية وظروف الزمان العماني–باقتصادياته واجتماعياته وتراثه لم يكن يسمح باستيراد (المعلبات الديمقراطية) فكانت الشورى بأبعادها الإسلامية المتحضرة هي الحل.
 
تتميز جغرافية عمان بوجود سلسلة جبال الحجر التي تمتد من منطقة رؤوس الجبال في رأس مسندم (حيث يقع مضيق هرمز بوابة الخليج العربي) إلى رأس الحد أقصى امتداد للجزيرة العربية من جنوبها الشرقي في المحيط الهندي، ذلك على شكل قوس عظيم يتجه من الشمال الشرقي للبلاد إلى جنوبها الغربي، ويصل أقصى ارتفاع له إلى 3000  متر من منطقة الجبل الأخضر.
 
وفي محافظة مسندم ترتفع الجبال إلى 1800 متر فوق سطح البحر، ويطلق البعض على رأس مسندم لقب النرويج الاستوائية لكثرة الأزقة البحرية التي تكتنفها الصخور والمداخل الملتوية.
 
ويشبه العمانيون السلسلة من الجبال بالعمود الفقري للإنسان فيسمون المنطقة التي تقع على خليج عمان بالباطنة والمنطقة التي تقع إلى الغرب من المرتفعات بالظاهرة. فالباطنة هي الشاطئ الساحلي الذي شكلته الوديان الهابطة من الجبال ويتراوح اتساعه ما بين 15 و 80 كيلو مترا. كما يتجاوز طوله 300 كيلو متر. وهي المنطقة الزراعية الرئيسية في البلاد، حيث البساتين التي ترويها المياه الجوفية وهي تمتد شمالا من مسقط حتى الحدود مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ولهذا فهي أكثر مناطق السلطنة ازدحاما بالسكان، ويقع فيها عدد من المدن مثل بركاء والمصنعة والسويق والخابورة وصحم وصحار وشناص.
 
تفوق العمانيون في صناعة السفن حتى كانوا أصحاب أكبر أسطول تجاري وعسكري في الخليج العربي في النصف الثاني من القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر، ولهذا استطاع العمانيون أن يصلوا في وقت مبكر جدا إلى ساحل أفريقيا الشرقي غربا (حوالي القرن الأول الميلادي) وحتى كانتون في الصين شرقا (حوالي القرن السادس الميلادي).
 
وإذا كانت عمان ككل – قبل اختراع وسائل المواصلات، والاتصالات الحديثة – جزيرة وسط بحرين من المياه المالحة والرمال، فإنها كانت أيضا بدورها مجموعة من مئات الجزر تفصلها عن بعضها البعض سدود جبلية وبحار رملية… وقد كان الفضل لنظام الأفلاج في معظم أنحاء عمان الوسطى في إيجاد نظام إداري يعمل على تماسك قاطني هذه الجزر السكانية. ذلك أن عمان لا تتمتع بنهر يربط بين أجزائها مثل أنهار دجلة والفرات والنيل التي قامت على ضفافها حضارات كبرى، لكن الطبيعة لم تبخل عليها بمياه جوفية تجود بها الآبار حينا والإفلاج حينا آخر.
 
والفلج  هو قناة مائية لها مصدر من فجوة في مكان مرتفع في طبقة صخرية، ومنها تمتد قناة سطحية حتى تصل إلى أرض قابلة للزراعة. ولعب الفلج لعب دورا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا في تاريخ المجتمع العماني… كان له أثره البارز في التوجيه الإداري بل في إيجاده من أجل الاتفاق على توزيع مياهه والالتزام بهذا الاتفاق والاحتكام إلى سلطة ما عند وقوع خلاف حول هذا التوزيع. وهكذا نجد أن جغرافية عمان تقوم على أساس تفاعل الثنائيات.. البحر والبر.. والساحل والداخل، الجبل والسهل، الواحات الخضراء والصحراء الصفراء… فلا عجب إذا كان هذا التفاعل هو محور التاريخ العماني. وتكمن عبقرية الإنسان العماني في التكيف مع هذه الثنائيات حينا وتطويعها لخدمته حينا آخر. في الوقت الذي حققت فيه الخدمات الصحية قفزة ضخمة ليس فقط في امتدادها وتغطيتها لمختلف المناطق، ولكن أيضا في الارتفاع بمستواها عبر التجهيزات الحديثة للمستشفيات مما سمح بإجراء العديد من الجراحات الدقيقة في المستشفيات العمانية، فإن الحفاظ على مجانية هذه الخدمات والوصول يها إلى المواطن حيث يقيم في المناطق النائية والوعرة ظل سمة أساسية لجهود الحكومة في العناية الصحية بالمواطن العماني علاجيا ووقائيا.
 
تمثل الخدمات الاجتماعية بتنوعها واتساعها واهتمامها العميق بتوفير الحياة الكريمة للإنسان العماني. وفي مواجهة مختلف الظروف – أحد الجوانب المضيئة لمسيرة النهضة الحديثة، فإلى جانب استحداث هذه الخدمات ونموها وتنوعها، فإن الدولة حرصت من خلالها على تحقيق درجة أكبر وأعمق من التكامل والترابط بين أبناء المجتمع وتوفير عناصر الاستقرار والرخاء والتطور لكل فئاته، وذلك باعتبار أن الإنسان هو الثروة الحقيقية للوطن.
 
تتنوع مجالات الرعاية الاجتماعية وتضم مجموعة من الصيغ والأساليب من أهمها الضمان الاجتماعي والرعاية والإغاثة، والحالات الخاصة ومشروعات موارد الرزق والبحوث والدراسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية والأندية، والبرنامج الوطني لتنمية المجتمعات المحلية ورعاية المرأة
 
والطفل ومراكز التأهيل النسوي وغيرها. ومن جانب آخر تقدم الدولة رعاية خاصة للمعاقين ليس فقط لإشعارهم بالتكافل الاجتماعي ولكن لتأهيلهم واستيعابهم في دولاب العمل.
 
من المؤكد أنه لا يمكن فهم أبعاد النقلة النوعية والكمية الضخمة في مجال التعليم سوى من خلال الرؤيا الفلسفية الشاملة للسلطان قابوس بن سعيد والتي جعلت من التعليم غاية ينبغي الوصول إليها وتوفيرها لكل أبناء السلطنة من جانب وأداة أو وسيلة لصقل القدرات والإمكانات وتحقيق التنمية البشرية التي لا غنى عنها لمواكبة مسيرة النهضة بنشاط وفعالية من جانب آخر.
 
في البداية أكدت السلطات على ضرورة تحسين التعليم العام وتطوير التعليم الفني والتقني كسبيل لتنمية الموارد البشرية. لم يعد الأمر هو نشر التعليم والوصول به إلى قلب الصحراء، وقمم الجبال، وقيعان الوديان، وصولا إلى كل التجمعات السكانية مهما كانت صغيرة. ولكن الأولوية أصبحت الآن لتطوير التعليم و محاولة تحقيق نقطة التوازن بين ربط التعليم بثقافة المجتمع وتراثه وموروثه التاريخي من ناحية، وبمناهج العصر وأدواته و تقنياته من ناحية ثانية.
 
ومن ثم اتسمت العملية التعليمية بالتطور والتكيف المستمر في كل جوانبها مع احتياجات مراحل التنمية المختلفة، كما ازداد عدد مدارس التعليم الفني والتقني: الزراعي، التجاري والصناعي.
 
العمانيون يستمدون ديمقراطيتهم من مبدأ الشورى في الإسلام، والذي كان متمثلا فيما يسمونه (السبلة) باللهجة العمانية، وهي التي تشير إلى المركز الذي يجتمع فيه أبناء القرية أو الحي لمناقشة كافة أمورهم الحياتية على اختلافها و تنوعها، حتى إن جولات السلطان قابوس السنوية الميدانية في مختلف المناطق والولايات يمكن اعتبارها ترجمة صحيحة و بلورة فعلية في صيغة متطورة لموروث شعبي أصيل.
 
في الوقت الذي شكل فيه مبدأ المشاركة بين المواطنين والحكومة مبدأ أصيلا من مبادئ النهج السياسي العماني منذ انطلاقة مسيرة النهضة، فإن تقدير السلطان قابوس للمواطن العماني ولأهمية مساهمته في عملية التنمية والتعرف على آرائه ومقترحاته لم تتوقف عند أساليب المشاركة المختلفة بما فيها العمل من خلال مجلس الشورى العماني المتميز  وشريك الحكومة في إدارة و توجيه عملية التنمية، ولكنه امتد إلى أسلوب عماني في الأداء الديمقراطي وذلك من خلال الجولات السنوية التي يقوم بها السلطان بين ولايات ومناطق السلطنة المختلفة.
watanserb

الفئة: أحداث عربية | مشاهده: 450 | أضاف: faisal | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
الاسم *:
Email *:
كود *: